5 مارس 2012

إيران. . بين الإلهية والشيطانية

إيران. . بين الإلهية والشيطانيةحسن راضي
تتباهى إيران، و يتباهى أتباعها بالنّموذج الدّيموقراطيّ الإيرانيّ الذي عجزت الأنظمة الدّيمقراطيّة في العالم عن تطبيقه بالطّريقة الإلهيّة، كما يدّعي ولاية الفقيه، و من لفّ حوله. مرّ على هذه الدّيموقراطيّة الإلهيّة ثلاثة و ثلاثون عامًا، و خلال هذه الفترة، حاولت إيران تصديرها إلى دول الجوار بكلّ الطّرق السّياسيّة، و الإعلاميّة الدّعائيّة، و التّحريضيّة، و الأساليب الأمنيّة، و العسكريّة، لكن كما يبدو الفشل كان نصيب هذه المحاولات؛ لأنّ الرّحمة الإلهيّة بالطّريقة الإيرانيّة لم تشمل بعد هذه الشّعوب، و بقيت من نصيب إيران حصريًّا؛ لأنّ النّظام الجمهوريّ في إيران هو الوحيد في العالم الذي يحكم بالشّريعة الإلهيّة و دول العالم و شعوبها تعتبر مفسدة في الأرض و محاربين لله -سبحانه و تعالى- لأن شغلها الشّاغل هو تدمير و تحطيم الديمقراطيّة الإلهيّة في الجمهوريّة الإيرانيّة.
لن تتردّد إيران في قتل الآلاف من مواطنيها و الشّعوب غير الفارسيّة في خارطتها السّياسيّة بحجّة الاستمرار في حكم الشّريعة الإلهيّة، كما فعلت في بداية الثّورة التي ضحّت من أجلها تلك الشّعوب المغلوب على أمرها، و التي تشكّل أكثر من سبعين بالمائة من خارطة إيران السّياسيّة؛ فقامت السّلطة حينذاك بارتكاب مجزرة في المحمرة بحق الشّعب العربيّ الأحوازيّ ثم في كردستان، بحقّ الشّعب الكردي، و تلتها بحقّ الشّعب التركمانيّ و الأذربايجانيّ. و بعد ما ثبّتت نظامها من خلال ارتكاب مجازر بشعة راح ضحيّتها عشرات الآلاف من الشّعوب غير الفارسيّة، دخلت حربًا ضروسًا مع العراق، و التي استمرّت ثماني سنوات، حرقت اليابس و الأخضر، قمعت السّلطة بقسوة كلّ من يعارضها في تلك الفترة بحجّة الدّفاع عن الوطن بوجه المتآمرين مع الخارج.

و بعد أن تجرّع الخميني السّمّ جرّاء وقف الحرب مع العراق؛ نتيجة هزيمته العسكريّة و السّياسيّة، و فشل النّظام في إسقاط الإنظمة العربيّة، و استبدالها بأخرى تابعة لطهران، تأمّلت الشّعوب بعد أن تناول الخميني و نظامه السمّ، أن تتناول العسل من خلال وعود نظام الخميني بالتوجّه الى الأمور الداخليّة و تحسين أوضاع المواطنين اقتصاديًّا و سياسيًّا، فكانت الوعود بالاصلاحات السّياسيّة، و تنفيذ الموادّ المعطّلة من الدّستور الايرانيّ المتعلّقة بالحقوق الجزئيّة للشّعوب غير الفارسيّة- تشكّل بارقة أمل نحو المزيد من التطلّع للمستقبل الأفضل، و التمتّع بالحقوق القوميّة التي لطالما قد حُرمت منها طيلة العقود الماضية في فترة نظام البهلوي و النّظام الخميني. كما كانت الشّعوب تتطلّع الى وضع اقتصاديّ مزدهر يتناسب و ثروات الشّعوب المنهوبة من قبل السّلطة في طهران من النّفط و الغاز الذي يُنهب من أرض الأحواز، و يشكّل أكثر من 86% من الدّخل الاقتصاديّ الإيرانيّ، إضافة الى الثّروات الطبيعيّة الهائلة التي تصرفها السّلطة على التسلّح، و المناورات العسكريّة، و دعم المليشيّات العسكريّة، و السّياسيّة في المنطقة، بهدف زعزعة دول الجوار؛ خدمة لأهداف سياسيّة معروفة.

فظلّت الشّعوب في إيران بين سندان الفقر و الفاقة، و مطرقة القمع و الإرهاب، تحت غطاء و شعار أن إيران تقدّم مشروعًا و نموذجًا من الدّيموقراطيّة الفريدة من نوعها، و لم تتمكّن أيّ دولة في العالم من تقديمه، و هو النّموذج الدّيموقراطيّ الإلهيّ، لكن هذا بعيون النّظام الإيراني، و من يتبعه مصلحة أو جهلاً، بما يجري في إيران، مخدوعًا بالدّعاية السّياسيّة الإيرانيّة. و بالتّأكيد ما تمارسه السّلطة في إيران و طيلة أكثر من ثمانية عقود منذ مجيء النّظام البهلويّ حتى هذا اليوم هو ديكتاتوريّة فاشيّة و عنصريّة بغيضة بحقّ الشّعوب غير الفارسيّة في إيران؛ إذ تحرمها من أبسط حقوقها الإنسانيّة و القوميّة بدْءًا من منعهم من تسمية أطفالهم بأسمائهم القوميّة، وصولاً إلى حقّهم في تقرير مصيرهم استنادًا الى المواثيق و العهود الدوليّة.

الدّيكتاتوريّة الفاشيّة التي تمارسها السّلطة في إيران جعلت الشّعوب غير الفارسيّة أن تناضل من أجل حقوقها القوميّة استنادًا إلى حقّها في تقرير مصيرها، بعيدًا عن السّلطة الفارسيّة و معارضتها الفارسيّة داخل النّظام و خارجه من جهة. و أفشلت السّلطة في تحقيق مآربها السّياسيّة في المنطقة، لا بل جعلتها معزولة و منزوية و منبوذة من قبل دول العالم، خاصّة دول الجوار، التي لم تر من النّموذج الإيرانيّ إلاّ التّدخّل السّلبيّ، و التّخريب من خلال إثارة الفتن، و تحريك الشّعوب على دولها بهدف إسقاط تلك الدّول لصالح مشروعها التّوسّعيّ من جهة أخرى.

إذا تفحّصنا أساليب النّظام الداخليّة أو الخارجيّة من صراعهم على السّلطة، إلى قمعهم للشّعوب في إيران و تدخّلاتهم السّافرة في المنطقة، فيتبيّن بأنّ النّموذج الإيرانيّ هو نموذج ليس فقط غير ديموقراطيّ، و لا يربطه بالشّريعة الإسلاميّة أيْ صلة، التي أمرت بالتّساوي و العدالة فحسب، بل هو نموذج و ديكتاتوريّة شيطانيّة بامتياز.
  • تعليقات الموقع
  • تعليقات الفيس بوك

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Item Reviewed: إيران. . بين الإلهية والشيطانية Rating: 5 Reviewed By: الأفق العربى
Scroll to Top